أغرب القصص حول العالم عن التفاؤل والتشائم
هناك من الناس من تتحكم في قراراته وتعاملاته مع الأخريين ما يُعرف بـ”التطيير” أو التفاؤل والتشائم أو “النحس” ، فتجدهم يتفائلون أو يتشائمون من شخص ما أو رقم معين أو حيوان ما ؛ فهناك من يخاف عند سماع صوت طائر البوم أو الغراب أو عندما يرى قطًا أسود اللون ، والبعض لديهم رقم حظ يتفائلون به ويتشائمون من رقم 13 مثلاً.
وتنتشر معتقدات وخرافات حول العالم وفي مختلف طبقات المجتمعات لا تميز بين غني أو فقير ، بهذا الخصوص ، ولكن كان العرب في الجاهلية أشهر من عُرف عنهم التفائول والتشائم ؛ حيث اشتهروا بـ”الطيرة” ، وهي تعني التنبؤ بملاحظة حركات الطيور، فكان العرب قبل ظهور الإسلام إذا خرج أحدهم لقضاء حاجة ما قصد عش طائر فهيجه فإذا طار من جهة اليمين تيمن به ومضى في الأمر، ويسمون الطائر “السانح” ، أما إذا طار الطائر جهة اليسار تشاءم به ورجع عما عزم عليه، ويسمى الطائر هنا “البارح !.”
ونجد في الموروث الشعبي اعتقادًا بأن البعض “منحوسًا” أو به لعنة ما ، كما يقول المثل الشعبي : “المنحوس منحوس ولو علقوا على بابه فانوس”!.
ولسنوات طويلة سادت معتقدات قوية في وجود “لعنة الفراعنة” ، واللعنة هي شكل من أشكال “النحس” ، فالشخص الذي تصيبه اللعنة بحسب تلك المعتقدات يستمر نحسه ما دامت اللعنة تطارده.
ولعل أشهر قصص لعنات الفراعنة التى يتداولها التاريخ، ظهرت بعد اكتشاف مقبرة الفرعون توت عنخ أمون، والذى فوجئ مكتشفها هيوارد كارتر بعبارة «سيذبح الموت بجناحيه كل من يجرؤ على إزعاج الفرعون» تستقبله على باب المقبرة؛ وبالفعل مات معظم الذين اقتحموا المقبرة ميتة غامضة بعد وقت قصير من فتحها بطرق غريبة لم يلقى لها تفسير؛ ومن الحكايات التى توارد ذكرها أيضًا عن لعنة الفراعنة ما أثير حول انتحار الأثرى زكريا غنيم، أمين جبانة سقارة الذى اكتشف هرم الملك «سخم – خت».
ومن غرائب قصص التفاؤل والتشائم مع الحكام أن أحد الولاة قد خرج لقضاء بعض مهماته فاستقبله رجل أعور فتطير به وأمر به إلى الحبس فلما رجع أمر بإطلاقه، فقال له الرجل : سألتك بالله ما كان جرمي الذي حبستني لأجله ؟ فقال: تطيرت بك . فقال : فما أصبت في يومك برؤيتي؟ فقال الوالي: لم ألق إلا خيرا . فرد الأعور: أيها الأمير أنا خرجت من منزلي فرأيتك فلقيت في يومي الشر والحبس، وأنت رأيتني فلقيت الخير والسرور فمن أشأمنا؟ والطيرة بمن كانت؟ فاستحيا منه الوالي ووصله.
والتطيير أمر يعود إلى زمن بعيد عانى منه بعض الرسل والأنبياء من أقوامهم الذين أنكروا دعوتهم وقالوا أنهم تشائموا منهم، وهو ما حدث مع قوم نبي الله صالح ونبي الله موسى – عليهما السلام- ، وما حدث في قصة أصحاب القرية التي أخبرنا بها الله “عز وجل” في القرآن الكريم.
وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ (13) إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُم مُّرْسَلُونَ (14) قَالُوا مَا أَنتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمَٰنُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ (15) قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ (16) وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (17) قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ ۖ لَئِن لَّمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (18) قَالُوا طَائِرُكُم مَّعَكُمْ ۚ أَئِن ذُكِّرْتُم ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ (19) . سورة يس
ولم يسلم نبي الله صالح من اتهام قومه له هو ومن آمنوا به بأنهم مصدر لطيرتهم وتشائمهم ، وهو ما جاء ذكره في سورة النمل : ” قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَن مَّعَكَ ۚ قَالَ طَائِرُكُمْ عِندَ اللَّهِ ۖ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ (47) .”
وكان قوم فرعون إذا جائهم العافية والخصب والرخاء وكثرة الثمار نسبوه لأنفسهم أما إذا وجدوا البلاء والمصائب قالوا ذهبت حظوظنا وأنصباؤنا من الرخاء والخصب والعافية مذ جاءنا موسى ، وقد جاء ذكر ذلك في سورة الأعراف:
” فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَٰذِهِ ۖ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَىٰ وَمَن مَّعَهُ ۗ أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِندَ اللَّهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (131).”
وجاء الإسلام ليهدم تلك الأفكار الخاطئة والخرافات التي كانت منتشرة قبله ؛ حيث دعانا النبي محمد – صلى الله عليه وسلم- إلى التفاؤل بالخير ونهانا عن التشائوم والتطيير، حيث ورد عنه أن عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال : “َ لا عَدْوَى وَلا طِيَرَةَ وَيُعْجِبُنِي الْفَأْلُ قَالُوا وَمَا الْفَأْلُ قَالَ كَلِمَةٌ طَيِّبَةٌ”.
وجاء في الأثر عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسولُ اللهِ-صلى الله عليه وسلم- من ردته الطيرة عن حاجته فقد أشرك. قالوا: فما كفارة ذلك ؟ قال: أن تقول: اللهم لا خير إلا خيرك، ولا طير إلا طيرك، ولا إله غيرك.